Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi...

12
Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume 14, No 2, 2014 80 Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’ar Dr. Hanan Mouhamad Hamoudah Faculty of Arts - Department of Arabic Language Zarqa University – Jordan [email protected] Abstract: The researcher aims to study the works of the storyteller, Hind Abi Alsha’ar, from an intertextual perspective. The paper is divided into an introduction and two sections. The introduction presents us with the definition of intertextuality, its principles and types. Section one deals with religious and historical intertextuality. The second section deals with literary and folkloric intertextuality - relating to myths and traditional sayings. The researcher aims at clarifying the implied meaning in the selected texts to reveal the absent texts i.e. the source texts in the works of Abi Alsha’ar. This is done by referring to the original texts and showing the role these texts play in establishing meaning in her short stories, through projecting it in new aesthetic forms. Although the study depends on a critical approach that has become famous for its potential in exploring semantic signs and cultural worlds of texts which Abi Alsha’ar has used when she perfected her literary works, the researcher uses this approach without exaggeration and avoids the claim of perfection. Accepted 23/12/2013 Received 25/8/2013

Transcript of Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi...

Page 1: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume 14, No 2, 2014

80

Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’ar

Dr. Hanan Mouhamad Hamoudah

Faculty of Arts - Department of Arabic Language Zarqa University – Jordan

[email protected]

Abstract:

The researcher aims to study the works of the storyteller, Hind Abi Alsha’ar, from an intertextual perspective.

The paper is divided into an introduction and two sections. The introduction presents us with the definition of

intertextuality, its principles and types. Section one deals with religious and historical intertextuality. The second

section deals with literary and folkloric intertextuality - relating to myths and traditional sayings. The researcher

aims at clarifying the implied meaning in the selected texts to reveal the absent texts i.e. the source texts in the

works of Abi Alsha’ar. This is done by referring to the original texts and showing the role these texts play in

establishing meaning in her short stories, through projecting it in new aesthetic forms. Although the study

depends on a critical approach that has become famous for its potential in exploring semantic signs and cultural

worlds of texts which Abi Alsha’ar has used when she perfected her literary works, the researcher uses this

approach without exaggeration and avoids the claim of perfection.

Accepted 23/12/2013 Received 25/8/2013

Page 2: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – عشر الرابعالمجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

81

الشعر القصصیة يالتناص في أعمال ھند أب

حنان محمد حمودةد. قسم اللغة العربیة –كلیة اآلداب

األردن- جامعة الزرقاء [email protected]

ملخص

مـادة أعمـال هنـد القصصـیة ةالباحثـ ت، وقـد جعلـتناصـيمـن منطلـق أعمال القاصة هند أبـي الشـعرفي هذه الدراسة الوقوف على ةحاول الباحثت

: ومطلبین یتطرق المدخل إلى مفهوم التناص، ومنطلقاته، وأنواعه. ین.مطلبو مدخل ا في جعلتهالدراسة، و

.واألمثال) ،ریطا(األس ونقصد به يالتراث و التناص األدبيالتاریخي، والثاني یقف عند و ناص الدینيالت یتناول األول

للكشف عن النصوص الغائبة في أدب القاصة، وذلك بالعودة إلى مصادرها األصلیة، ؛استكناه دواخل النصوصفي هذه الدراسة ةنشد الباحثتو

.صیغ جمالیة جدیدة ، واخراجه عبرخل قصصهاوالدور الذي تلعبه في تشكیل المعنى دا

والعـوالم الثقافیـة التـي متحـت منهـا الكاتبـة ،منهج نقدي غدا معروفا في قدرته الكاشفة عـن الـدالالت النصـیةواذا كانت الدراسة تعمد إلى توظیف

.تدعي القول الفصلوال ،تغالي في تطبیقهدون أن منهج حدیثتفید من إلضافةإنها محاولة ،حین أبدعت نصوصها

:التناص المفهوم والمنطلقات مدخل

إن النصـــوص األدبیـــة ال یمكـــن أن تقـــوم دون فهـــم وتمثـــل لنصـــوص

سبقتها، لذلك فإن األدیب ال یسـتطیع الخـالص مـن مرجعیـات إنتاجـه

النصي، وقد جاء التناص لیفصح عن العالقات بین النصوص، وقـد

القتباســـات، واإلحـــاالت، عـــرف بـــارت الـــنص علـــى أنـــه:" نســـیج مـــن ا

واألصـــداء مـــن اللغـــات الثقافیـــة الســـابقة، أو المعاصـــرة التـــي تخترقـــه

فالنصـــوص األدبیـــة إحـــاالت لنصــوص أخـــرى، ومـــن هنـــا ، )١(بكاملــه"

جــاء فهــم الــنص الحاضــر، والــنص الغائــب، وتتفــاوت النصــوص فــي

قدر إحاالتها، وشكل تلك اإلحاالت، ومن هنا تتجلى ظاهرة التناص،

و أن مصطلح التناص قـد ارتـبط بـبعض المقـوالت النقدیـة لجولیـا ویبد

" -التناص–كریستیفیا، التي استشفتها من أستاذها باختین، ورأت بأنه

، وقد أجمع )٢(التقاطع داخل نص، لتعبیر مأخوذ من نصوص أخرى"

النقاد على أن باختین أول من أسس لهذا المصطلح، وجولیا أول من

، "واتفقوا علـى أن التنـاص شـبكة مـن العالقـات أسس له نظریا وعملیا

المتداخلـة، أو هـو نــص یتسـرب إلـى نــص آخـر سـواء أكــان ذلـك عــن

، ولم یتوقف مصطلح التناص عند التقاطع )٣(وعي أم عن غیر وعي"

فقط، بل ارتبط بالتعدیل، واعـادة الصـیاغة، ورأى عبـد العزیـز حمـودة

ة ومــا تعنیــه عنــد تحلیــل أن:" التنــاص غیــر النصــیة المرتبطــة بالبنیویــ

الـــنص األدبـــي، الـــذي هـــو منـــتج مغلـــق، ونســـق نهـــائي یمكـــن تحلیلـــه

ــقه األصــــغر بعضــــها وتفســـیره فــــي ضــــوء عالقــــات وحداتــــه داخــــل نســ

وبعد استقراء لكثیر من الكتب النقدیة التي عنیت بالتناص ).٤(ببعض"

قى لم نجد اتفاقا بین النقاد على تعریف جامع محدد للتناص، وانما تب

مفـاهیم تلتقــي وتختلــف فیهــا اآلراء، وهــذه المفــاهیم لمصــطلح التنــاص

لیســت حدیثـــة، بـــل نجـــدها فـــي نقــدنا فـــي ثـــوب مغـــایر، ومصـــطلحات

شـتى تحــوم حــول مفهــوم التنــاص، ومــا الســرقات األدبیــة إال نمــط مــن

أنمــاط التنــاص، ولكنــه كــان منبــوذا غیــر مســتحب؛ ألنهــم نظــروا إلیــه

صل فیه نقادنا القدماء، وأكثروا من إطالق من منظور أخالقي، وقد ف

المصــطلحات، وأوضــح ذلــك د.بــدوي طبانــة، وجعــل الســرقة فــي اثنــي

عشر نوعا: (االصطراف، واالدعاء، والغصب، والمرادفة، واالهتـدام،

، وعندما نتصفح كتاب أحمد )٥("وااللتقاط، وكشف المعنى، والمجدود)

ات التـي تـدور فـي مطلوب، سنجد أضعاف هذا العـدد مـن المصـطلح

، والواضح "أن الناقد القدیم قد أغرق في تبویب )٦(فلك مفهوم التناص

الســـرقات فـــي مصـــطلحات لهـــا دالالت متقاربـــة، وهـــذه المصـــطلحات

، واذا كــان النقــد )٧(مكثفــة ال تحمــل قیمــة فنیــة یثــرى بوســاطتها الــنص"

ر القـدیم قــد اهــتم بتــأثر األدیــب فـرفض وقبــل، فــإن النقــد الحــدیث نظــ

إلى النص نفسه، وما فیه من تناص، مـن خـالل أدوات وآلیـات تعـین

ــراءات، ــر مــــن القــ علـــى فهــــم الــــنص، وغـــدا الــــنص مفتوحــــا علـــى كثیــ

ویســعفنا فــي اقتحــام ضــبابیة النصــوص، والتغلغــل فیهــا للوقــوف علــى

معانیها المستترة.

وقد وقف (خلیل الموسى) على السرقة، والتناص وقارن بینهما، ورأى

یختلفان في أن النص القدیم هو المبدع، واألدیب المحدث هو "أنهما

الســـارق، والســـارق مـــدان؛ لوقوعـــه فـــي إثـــم الســـرقة، وغالبـــا مـــا تكـــون

٢٥/٨/٢٠١٣ تاریخ استالم البحث

جامعة الزرقاء- نشر هذا البحث بدعم من عمادة البحث العلمي والدراسات العلیا -

٢٣/١٢/٢٠١٣حث تاریخ قبول الب

Page 3: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

التناص في أعمال ھند أبي الشعر القصصیة

82

ــرقة قصــــدیة" أكبــــر . أمــــا عبــــد الملــــك مرتــــاض فقــــد عــــدها مــــن)٨(الســ

القضایا النقدیة، وفصل الحدیث فیها فـي كتابـه(فكرة السـرقات األدبیـة

جـد سـببا للـوم صـاحب الـنص الحـدیث واتكائـه ونظریة التناص) ولـم ی

علـى الــنص الغائــب قـدیما كــان أو حــدیثا، بــل علـى العكــس مــن ذلــك

فإنه یرى أن الناقد یحاول إظهار العالقات بین النصوص؛ لبیان قدرة

الكاتـب، وتماهیــه مــع الــنص الغائــب، ســواء كــان ذلــك بقصــد أو دون

نظریـــة الســـرقة، ، وكـــذلك فعـــل الغـــذامي فـــي دعوتـــه لتحـــدیث )٩(قصـــد

)١٠(واعادة النظر في مقوالت القدماء النقدیة

وقد فصل النقاد في آلیات التناص، وتقسیماته، فهذا محمد بنـیس

یجعلـه قائمـا علـى ثالثــة قـوانین:( االجتـرار، واالمتصـاص، والحــوار)،

.)١١(وتحدث عن نوعین: ظاهر ومستتر

كانــــت لقــــد اتســــع االخــــتالف فــــي المصــــطلحات، ولكــــن المفــــاهیم

متقاربة، وعرض محمد مفتاح فـي الفصـل السـادس مـن كتابـه( تحلیـل

ـــــي ــ ــ ـــر فـ ــ ــ ــ ـــداخل الكبیـ ــ ــ ــ ـــــاص) التـ ــ ــ ـــتراتیجیة التنـ ــ ــ ــ ـــــاب الشعري/اسـ ــ ــ الخطـ

المصـطلحات وال ســیما بـین مصــطلحي التنـاص والمثاقفــة، وقـد اقتــرح

ــه( مســــاءلة الــــنص) جعــــل التنــــاص ســــت درجات(التطــــابق، فــــي كتابــ

، ثـم عـرض )١٢( لتباعـد، والتقاصـي)والتفاعل، والتـداخل، والتحـاذي، وا

ــــه ــــة من ـــاهیم) فــــي محاول ـــكلة المفـ ــــي كتابه(مشـ ــرى ف ـــارة أخــ للتنــــاص تـ

إلظهــار التــداخالت الواضــحة فــي مفــاهیم المصــطلحات الكثیــرة التــي

أطلقت على التناص، ویخلص مـن كـل ذلـك إلـى أن "التنـاص یرصـد

ة، التنویع داخل نص ما، وهذا التنویع قد یقع علـى نـواة، أو موضـوع

أو أصل نصي، بحیث یعتري المنوع تبدیل أو تغییر، فـإذا كـان علـى

ـــا، واذا كـــان تنویعـــا داخلیـــا ســـمي أصـــل مســـتقل ســـمي تناصـــا خارجی

تناصا داخلیا، وكال التناصین له طرفان، وبینهما درجات.

فالتنـــاص الخـــارجي طرفـــاه: التطـــابق والتبـــاین، والتنـــاص الـــداخلي

رصـد التنـاص الخـارجي فـي إطـار بنیـة طرفاه: التطابق والتنـاقض، وی

أصلیة ذات مكونات مضمونیة، وخاصیات شكلیة، تتخذ أصال یقاس

علیه إلبراز التماثل، واالختالف بـین البنیـة األصـلیة والبنیـة الفرعیـة."

ومهمــا كـــان االخــتالف فـــي المصــطلحات*، فـــإن المفــاهیم تبقـــى )١٣(

عماال وداللـة علـى أكثر قربا، ویبقى مصطلح التناص هـو األكثـر اسـت

تــداخل النصــوص وتقاطعهــا، وأقــرب صــیغة للداللــة علــى المشــاركة،

وبعـض المصــطلحات المطروحــة تنــدرج تحــت عبــاءة التنــاص إذ هــي

جزء منه.

ومهمــا یكــن فــإن الــنص المســتتر(النص األول) قــد أضــحى عامــل

انبثــاق للــنص الثــاني، وأضــحت النصــوص األدبیــة عامــة تتنــاص مــع

هي بناء مركـب لـه أدواتـه، وآلیـات التنـاص ضـروریة بعضها معا، إذ

لفهــم هــذه األدوات، وعلیــك أن تنظــر إلــى الــنص بعینــین: عــین علــى

النص تسبر

أغــواره، وتحــدد عالقاتــه الداخلیــة، وعــین تبحــث عــن عالقاتــه مــع

النصوص األخرى، ومدى توازیه أو تقاطعه معها. وكأن الثقافة شبكة

منظومــة خفیــة ال نســتطیع الــدخول مــن النصــوص تتعــالق معــا، وفــق

إلى عالمها إال باستجالء عوالم هذه المنظومة، والوقـوف علـى ینـابیع

النصوص، ومصادرها الخفیة من خالل حركة النصوص، وما تحمله

في طیاتها من نصوص غائبة تتحرك فیها المدلوالت.

إن عملیـة تتبـع النصـوص الستكشـافها، ال یـتم إال بأخـذ المتخیــل،

لبا ما یتحقق ذلك بالتناص الذي ینم عن قدرة الكاتب على قراءة وغا

التراث، واعادة تشكیله في ال وعیه بشكل یتجاوز الزمان والمكان، مع

ـــن أجـــــل ـــة مــ ـــة فارقــ ـــین الكتـــــاب، وهـــــي عالمــ ـــاس بــ ـــارق فـــــي اإلحســ فـ

التواصل، وقراءة النصوص، والكشف عما فیها من تناص، ونحاول

ـــال الق ــراءة أعمـــ ــ ــــن خــــــالل قــ ـــتبطن مـ ـــعر أن نســـ ـــد أبــــــي الشـــ ـــة هنـــ اصــ

النصــوص األخــرى فــي نصوصــها، والعــودة إلــى مصــادرها األصــلیة،

ـــها، والصــــیغ ــل قصصـ والــــدور الــــذي لعبتــــه فــــي تشــــكیل المعنــــى داخــ

ــة التــــي أبــــدعتها مــــن خــــالل عوالمهــــا الثقافیــــة المخزونــــة فــــي الجمالیــ

ـــر عــــن قلقهــــا، ـــذهل مكنهــــا مــــن التعبیـ ـــكل مـ ـــا، والممتزجــــة بشـ ذاكرتهـ

ــخطها، ورضــــاها، وقوتهــــا، وضــــعفها، وخوفهــــا ، وحبهــــا، وحزنهــــا، وســ

وأملها، وتشاؤمها...كل ذلـك عبـر شـخوص قصصـها، وأحـداثها التـي

ــین: ــنقف عنـــد مطلبــ ـــاتي، والیـــومي، وسـ احتفـــت بتفاصـــیل الفعـــل الحی

ـــــي ـــاول األدب ـــــاني یتنــ ـــاریخي، والث ـــدیني والتــ ــ ـــاول التنـــــاص ال األول یتنــ

والشعبي.

المطلب األول

ني والتاریخي:التناص الدی

إن قصــص الكاتبــة (هنــد) تكتشـــف عمــق معرفتهــا بالمشــاهد الدینیـــة،

واألحداث التاریخیـة، حیـث اسـتطاعت القاصـة رسـم أحـداث قصصـها

بصــورة تنبـــئ عـــن قـــدرتها علـــى فهــم الـــنص الـــدیني عبـــر إخـــراج تلـــك

ـــدة ـــعوریة، وفكریــــة جدیـ ــف، بســــیاقات شـ ــكل لغــــوي مختلــ القصــــص بشــ

تتسـق مـع دالالتهـا المضـمرة، ففـي قصـة تتناسب ومضمون القصة، و

الوحــل جــاء التنــاص مــع المشــهد القرآنــي بــین یوســف، وامــرأة العزیــز،

حینما راودته عن نفسه، وقد تحقق التنـاص مـن خـالل كلمـة (راودتـه)

ــــان وراء ـــیاق اإلنسـ ـــى انســ ــــل إلــ ــیح لتصـ ــ ـــارة، وتلمـ ـــن إشــ ـــا فیهـــــا مــ ومــ

ام إذ اآلثــارتبقى المغریــات، وصــعوبة العــودة إلــى النقــاء، والصــفاء التــ

كامنة في النفوس، والغریب أن كل من یعرف البطل صاحب الهنـدام

األنیق، قد تلوث باآلثام مثله، فاإلغراءات كثیرة وتلبي طموح اإلنسان

المعاصــر، الســاعي إلــى الكســب بكــل الســبل إال أن المغریــات التــي

تقـــدمها فتـــاة الوحـــل خـــارج ســـیاق األخالقیـــات، إال أن البطـــل جـــازف

ولهـث وراء فتـاة الوحـل، والحـوار بینهمــا یحیلنـا إلـى االعتقـاد الخــاطئ

في أن حواء أغرت آدم باالقتراب من الشجرة المحرمـة، ووسوسـت لـه

Page 4: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – عشرالرابع المجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

83

فكانت السبب في خروجه من الجنة:" راودته فكرة العـودة إلـى البیـت،

ســیغلق بابــه، ویطــل مــن نافذتــه العالیــة یســتطلع األمــر، ولــن یجــازف

قد تـدق عنقـه، قـد ینكسـر أحـد أضـالعه، أو قدمـه .. وعلـى بنفسه ..

أقل تقدیر ستتسخ ثیابه.. وقد یترك الوحل بقعا ال تزول .. قد .. وقد

.. وقد .. حاول أن یحرك قدمه لكنه فقد توازنه، جاهد، انحـرف نحـو

الیسار،.. وفهم من ذلك أنه لن یسـلم مـن السـقوط لـو حـاول الصـعود

ید. أتته األصوات مستنجدة، وصاخبة، ومعربـدة إلى الدرجات من جد

ــه، ــ ــروج من ـــدون للخــ ـــي الوحــــل یجاهـ ـــض الــــذین ســــقطوا فـ .. كــــان بعـ

)١٤(ویمسحون البقع البشعة التي تلطخهم، وتمنى لو یتوقف عن ذلك"

وفي قصة الهـاتف تقـف الكاتبـة عنـد مقـوالت دینیـة فـي مناسـبات

قصــص الــدیني األعیــاد المســیحیة، وربمــا كــان تنــاص أعمالهــا مــع ال

المسـیحي أوضــح مــن القصــص القرآنــي، وهـذا أمــر طبیعــي، فهــا هــي

تتــذكر مـــوت والـــدها بعـــد عشـــر ســـنین مـــن موتـــه، وكـــأن هـــذه القصـــة

ــحتكم .. ـــد نفســـها:" قالوهـــا مـــرات .. بصـ تـــأریخ لمرحلـــة مـــن حیـــاة هن

أصــوات الصــحون .. الرائحــة اللذیــذة .. الموســیقى .. "المجــد هللا فــي

السـالم، وفـي النـاس المسـرة .." یـا إلهـي، علـى العلى، وعلى األرض

األرض السالم ..!! لمـاذا یغتـالون السـالم إذن ..؟ هـل تركنـا السـالم

ورحل إلى أكوان بعیدة صافیة .. لماذا یقتلونه إذن ..؟

ر أن أحمــل الهــاتف إلــى ســریري، أعــرف أنــه ینتصــف اللیــل، أقــر

لیلــة عیــد، لیلــة العیـــد سیتصــل بــي هــذه اللیلــة، البــد وأن یفعــل، هــذه

)١٥( فكیف ینساني .. البد أن یفعل .. ال بد ..!"

فالكاتبة ال تكف عن ذكر الموت، وعجـز اإلنسـان حیالـه، وتغلـف

ــة التــــي نستشـــعر فیهــــا األقـــوال والمواقــــف الشخصـــیة بــــالمقوالت الدینیـ

ـــیكن موتهـــا مؤبـــدا" یـــا لعظمـــة المـــوت! وهـــو الكاتبـــة، وایمانیاتهـــا " فل

الیا التي توقف فیها النبض، ویا لبشاعة الخواء الذي یطل یفترش الخ

"المجد هللا فـي العلـى، وعلـى األرض السـالم )١٦(من الصدر المیت!"

حسب الطقس الالتیني، القداس ، تقال أثناء" )١٧( وفي الناس المسرة"

بعد طلب الغفران. إن الكاتبة تستلهم روح النصوص الدینیة، لتضفي

علـــى المشـــهد الســـردي نوعـــا مـــن الهالـــة الدینیـــة، وتكشـــف عـــن خیبـــة

الشـخوص. فــالنص الـدیني مفعــم بـالقیم، والمعــاني التـي تــنعكس علــى

مـــة معرفیـــة دون أن نحـــس بـــأي نـــوع مـــن جمالیـــة الـــنص، وتضـــیف قی

االستعراض الثقافي، فلم تكن الثقافة الدینیة مقحمـة فـي الـنص، وانمـا

كانــت متماهیــة مــع النصــوص، فــالتحم الــواقعي بالــدیني، والتــاریخي،

وقفزت األحداث علـى األزمنـة، واألمكنـة لتأكیـد رفـض الواقـع المعـاش

صــة اعتمــدت الشــكل بمـا یحمــل مــن مســاوئ، ویمكـن أن نقــول إن القا

الدیني واألسطوري، والتاریخي لتوجیه الخطاب السردي بما یتواءم مع

ـــیلتها ـــا الفنیــــة، ووسـ ــرز أدواتهـ ــرد، وأبــ ـــان فــــي خدمــــة الســ ــزى، فكـ المغــ

للكشف عن شخوصها المأزومة، وساهم في التقریب بین السرد واللغة

الشعریة.

ــة (الــــدم) تناغمــــا بــــین التنــــاص الــــدیني و ال تــــاریخ ونجــــد فــــي قصــ

المسیحي:

ــــه ـــى كتفـ ــــواني علــ ــل رداءه األرجـ ــ ــــي)، حمـ ـــیالطس البنطـ ـــاء (بــ "جــ

األیســر، وتطلــع إلینــا، كنــا ننتظــره، لــم یبتســم ألي منــا، مســح مشــاعره

ــرف أنــــه ســـیطلب اإلنــــاء، ـــا نعـ ــة، كن عـــن جبینـــه، وتقــــدم نحـــو المنصــ

وسیقوم بغسل یدیـه، نفـس الطقـس الـذي نحفظـه عـن ظهـر قلـب، قـال

بصوت مسرحي:

اللهم، إني بريء من دم هذا الصدیق ..! -

، لماذا أنا من بین كل الحضور ...؟ ارتعدت عندما أشار إلي

، عرفــت أن دمــي مطلــوب، حاولــت أن تطلعــت كــل الــرؤوس إلــي

أقنع نفسي بأن اإلشارة ال تعنیني وحدي، وأن كل الحضور تجري في

ــروقهم دمــــاء متشــــابهة، اللــــون واحــــد، والكریــــات ب ــراء، عــ یضــــاء، وحمــ

!…صحیح أن لكل منا فصیلة دم مختلفة، لكنها في المحصلة دماء

كرر بیالطس البنطي غسل یدیه، وقال بصوت ختامي:

!…اللهم إني بريء من دم هذا الصدیق -

وعندما كرر اإلشارة إلي، بدأت دمـائي تنـز بصـمت، قطـرة قطـرة،

حد، تطلعوا إلـي فقـط، كانت عیون الحضور تراقبني، لم یقترب مني أ

وعندما نزل بیالطس النبطي عن المنصـة، كانـت بركـة الـدم تغرقنـي،

لقـد استحضـرت )١٨(وتفصل جسدي عـن عیـون اآلخـرین بقسـوة...."

ــــوالي ــ ــ ــ ــ ـــدیق) الـ ـــذا الصـ ــريء مــــن دم هـ ــة بیالطس(أنــــا بـــ ــ ــــة مقول الكاتب

أمـر بصـلب المسـیح؛ لیتقـرب الـذيالرومـــاني (بونطیـوس بیالطـوس)

طیباریوس)، ثم غسل یدیه، وقال (أنا بريء.......) ( ن اإلمبراطورم

وكــان االقتبــاس بــالنص األصــلي، وســماه د. أحمــد الزعبــي "التنـــاص

المباشـــر، وهـــو االقتبـــاس بلغـــة الـــنص نفســـها التـــي ورد فیهـــا، أمـــا مـــا

یقتبس بروحه، أو مضمونه عن طریق التلمیح، أو اإلشارة، أو الرمـز

ــر مبا ــ ـــر"فهــــو تنــــاص غی ـــر )١٩(شـ ـــدرامي فــــي القصــــة یثیـ ، فالحــــدث الـ

ــخوص إلــــى مراجعــــة ذواتهــــا، معضــــلة أخالقیــــة، وتســــاؤالت تثیــــر الشــ

واعادة التفكیر في مواقفهـا، وجـاء الـنص القصصـي هنـا منفتحـا علـى

ـــــي ــــتالالت فــ ــــق االخــ ــ ـــــدث، وتعمی ــــف الحــ ــ ـــاریخي؛ لتكثی ــ ـــــدیني، والتـ الـ

المنظومة الدینیة، واالجتماعیة.

بیالطس وموقف الخیانة، الذي لم یتوان عن وعاودت اإلشارة إلى

اقترافـــه، وتغلیـــب المصـــلحة الذاتیـــة فـــوق كـــل شـــيء، ومعرفـــة الجمیـــع

بماهیت،ه إال أن السكوت على ما یقترف، والصمت على جرائمه ال

یقــل عمـــا یفعـــل مــن آثـــام. فـــالمجتمع الصـــامت أشــد فتكـــا، وقـــتال مـــن

الوجــوه حــولي، المجــرم نفســه ، فــال أحــد یقــف فــي وجهــه "تطلعــت فــي

ــرفهم جمیعــــا، كلهــــم أقربــــائي، ـــامهم، أعــ حاولــــت أن أدعــــي الهــــدوء أمـ

جــاؤوني للزیــارة بعــد مقاطعــة طویلــة، مــدعین البــراءة، رأیــتهم یجهــدون

فـــي رســـم المشـــاعر الكاذبـــة علـــى جبـــاههم المســـتطلعة، قلـــت بعـــد أن

استعرضت الوجوه حولي:

Page 5: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

التناص في أعمال ھند أبي الشعر القصصیة

84

.!! لقد غسل بیالطس البنطي یدیه .. وانتهى -

ـــاول ــه لــــم یفهمنــــي، حـ ــبعض* أنــ تطلعــــوا حــــولهم بقلــــق، ادعــــى الــ

البعض* اآلخر رسم البراءة في أعماق عیونهم ففشلوا، أضفت بهدوء

مدروس..

أال تعرفون بیالطس البنطي ..؟ -

ضحك أحدهم، وظهرت أسنانه المنخورة، قال بال مباالة لزجة:

)٢٠(" ال یهمني من یكون .. أنه لیس جاري ..!! -

إن الخــوف، والترقــب، والصــمت، تحمــل المــوت والــدمار، والكــل

ینظــر دون أن یحــرك ســاكنا، ویتعمــق اإلحســاس حینمــا نــربط موقــف

الخیانة بالعناوین التي اختارتها الكاتبة، فالقصة جاءت موسومة بعباد

یتمیــز بأزهــاره الكبیــرة الشــعاعیة، التــي تــدور مــع الشــمس، وهــو نبــات

أینما دارت؛ ولذلك سمي عباد الشمس، وأضحى عند الكتاب الشمس

ــة اتخــــذت ــ ـــال، ولكــــن الكاتب ـــد، والعـ ـــع إلــــى الحریــــة، والمجـ ــزا للتطلـ رمــ

التنــاقض بــین العنــوان، ودالالت القصــة، لتعمــق اإلحســاس بالمأســاة،

س حینمــا ننظــر إلــى العنــاوین الجانبیــة التــي ویتضــاعف هــذا اإلحســا

أكــدت مــن خاللهــا علــى أن الخیانــة لیســت مقتصــرة علــى جــنس دون

آخر، فالعنوان الفرعي األول(هـو)، والثـاني(هي)، والثالث(همـا معـا)،

وكأنها تریـد القـول: إن إنسـان هـذا العصـر رجـال كـان أو امـرأة ملـوث

جتمعین.بهذا الجرم، وسواء أكانوا متفرقین أم م

وال تتوقــف القاصــة عنــد االســتعانة بــالنص الــدیني، أو الشخصــیة

الدینیة، وتمزجها باألدبي، والتاریخي لتصور وتغرق ذاكرتها فـي زمـن

االنكسار، والسقوط،

واأللــم، والمــوت:" انتفضــت ذاكرتــي، وتشــككت بوجــود خیانــة مــا،

ـــ ــل الحضـــور .. كلهـــم .. ســـمعت صـــوت عـــد النق ود، اشـــترك فیهـــا كـ

استحضرت ذاكرتي صوت یهوذا األسـخریوطي، وعرفـت أنـه ال جدیـد

تحت الشمس، وأن األشیاء تتكرر .. دائما تتكرر .. مال جسدي من

جدید تحت ثقل البسطار، قـال الصـوت الفـوالذي بجشـع: یمكـنكم نقـل

الجثة اآلن ..!!

)٢١"( أصبحت جثة ..!! -

تهانة بالروحانیات، بل إن الكاتبة تنعى عصر المادیات، واالس

التنازل عن كل القیم والمبادئ، وذلك من خالل إشارتها إلى شخصیة

الذي یتناول (یهوذا)، الذي اتفق مع الیهود على إخطارهم بالمكان،

فیه السید المسیح العشاء، لیال مع تالمیذه! وأن الشخص الذي سوف

ود ال یعرفونه، المسیح، ألن عساكر الیه یقب◌له، سیكون هو السید

الیهود على السید وقبض ولن یستطیعوا تمییزه من بین تالمیذه !

وهو بین تالمیذه، یتناولون العشاء، حسب الخطة المتفق المسیح،

علیها مع یهوذا. فالخیانة التي اقترفها (یهوذا) قاتلة، وعدم دفاع

لموت التالمیذ عن المسیح ال تقل جرما عن خیانة (یهوذا)، فاأللم وا

یعتصران الذاكرة.

وفي قصة (الطریق إلى صفین) یلتقي الواقع بالمتخیل، وتستشعر

الكاتبــة عــبء الواقــع، ومــرارة الحاضــر، فــال حــدیث إال عــن المـــوت،

ــــن ـــي عــ ــ ــفین تغن ــ ـــة صــ ــــواء وقعــ ــــت أن أجــ ـــش، والــــــدماء، وأدركـ والعطــ

ــل اإلنســـان العربـــي مـــن التفصـــیل، وتكثـــف مشـــاعر الخـــوف فـــي داخـ

داء، واالقتتـــال؛ ألن اإلنســـان بـــات یحـــن إلـــى األمــــان، اســـتمراریة العـــ

ـــاة تكـــاد تمـــوت عطشـــا فـــي هـــذه والهـــدوء، والحیـــاة، لـــذلك جعلـــت الفت

الصحراء...صــحراء الــروح، ولكــن األمــل داعبهــا، فجــاء االســتدراك "

ولكن الفرات قریب"، إال أن الخوف یسكنها، وعبرت عن ذلك بقولها:"

ـــ ــروب "صــــفین" التــــي ســــالت فیهــــا أنهــــار الـ دماء لــــن تنتهــــي مثــــل الحــ

ــتهم ـــفین لــــن تنتهــــي .. ســــاد الصــــمت مــــن جدیــــد .. أتــ العادیــــة.. صـ

األصــوات البعیــدة، میــزت أصــوات صــریر الجنــادب، وصــهیل الجیــاد

المطهمــة، كانــت األصــوات البعیــدة تخــتلط بصــوت انــدفاع العجــالت

على الطرق المنساحة المتقطعة، والشفق الدامي یهبط حولهم ویصبغ

اء بحــرارة مــؤثرة .. ظــل الشــفق الـدامي یتتــابع حــولهم، فــي حــین األشـی

أخذت القوافل المرتحلة إلى آفاق جدیدة تقطـع الطریـق بـأفواج تغمرهـا

أولى سـاعات اللیـل .. هزتهـا فكـرة مجـئ اللیـل، ولیـل الصـحراء الـذي

یطـــل علـــى صـــفین مخیـــف مثـــل مقبـــرة مهجـــورة. ملـــيء بالرعـــب مثـــل

الـك مثـل أعمـار النـاس المذبوحـة فـي األزقـة ساحات قتال دامیـة .. ح

! ..

ـــر - ــ ــ ــ ـــــي إال بتغییــ ــ ــ ــــوف ال ینتهــ ــ ــ ــ ـــت أن الخـ ــ ــ ــ ــ ــــة ...؟ وتخیل ــ ــ ــ خائفـ

)٢٢(الطریق"

ــخوص أكثـــر مـــن اهتمامهـــا انصـــب اهتمـــام القاصـــة علـــى أفعـــال الشـ

بمظهرها الخارجي، وحقـق السـرد القصصـي لـدیها مـن خـالل توظیـف

ریخي استحضـارا أسماء الشخوص، وما تحمله من تكثیف للحدث التـا

للماضــي، فهـــذا األشـــتر یثیــر حمیـــة المقـــاتلین بقمــیص عثمـــان، وهـــذا

نصــر بــن مــزاحم یســجل التــاریخ بأمانــة، وذاك أبــو موســى األشــعري،

وعدي بن حاتم، وعمرو بـن العـاص ودورهـم فـي التحكـیم، ولـم تكتـف

القاصـــة باالســـتعانة بـــأقوال المـــؤرخین عـــن الشـــخوص التاریخیـــة، بـــل

ــراوي ـــاطة تركــــت الــ ـــارئ بوسـ ـــدمها للقـ ــخوص ویقـ العلــــیم یتحــــدث الشــ

ضـــمیر الغائـــب تـــارة، والمـــتكلم تـــارة أخـــرى، وركـــزت علـــى األحـــداث

التاریخیة التي عم فیها انتشار الفتن على المستوى الداخلي؛ فتعرض

نتیجة لذلك المجتمع للهزائم على المستوى الخارجي، ووازنت بین هذه

ــزق هــــذ ا الجیــــل، وانكســــار الحلــــم فــــي االنكســــارات فــــي الماضــــي وتمــ

الحاضــر، وفــي صــفین توقفــت القاصــة عنــد تفاصــیل موقعــة صــفین،

ممــا جعــل التــاریخ حیــا مــاثال، یغــادر الماضــي لیعــیش فــي الحاضــر،

وهــذا یعطــي نمطــا مــن التواصــل الزمنــي الــال منقطــع، لــذا ال بــد مــن

العــودة إلــى التــاریخ، وامعــان النظــر فیــه إذا أردنــا أن نفســر الحاضــر

ونفهمه، لقد ذاب التاریخ فـي نـص هنـد، وشـكل نصـا جدیـدا ،وأصـبح

"ســـمعته یوجـــه نـــداء خاصـــا إلـــى أهـــل الشـــام )٢٣("الـــنص ابـــن الـــنص"

Page 6: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – الرابع عشرالمجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

85

فاستشــعرت أجــواء صــفین تــداهمها وتواجههــا بــال هــوادة .. ربمــا كــان

(نصر بن مزاحم) بینهم اآلن.. ربما .. تخیلته یسـجل الوقـائع، یمسـح

خرى یكتــب اقتتــال اإلخــوة فــي صــفین .. ربمــا كــان بیــده دمعــة، وبــاأل

(األشتر) اآلن یثیر حمیة أهل العراق بلهجته الحماسیة الممیزة . ربما

.. ال شــك بــأن الفــرات العــذب یصــطبغ بالــدماء .. تعــرف أن الفــرات

ــراق یقتتلـــون اآلن .. وتعـــرف أیضـــا أن بعیـــد .. وأن أهـــل الشـــام والعـ

أن الوفود تحضر لتهدئ حدة القتال .. القتال یطول في "صفین" .. و

مــرة ینســى النــاس القتــال، ویجلســون معــا، یملــؤون القــرب الجلدیــة مــن

مــاء الفــرات، ومــرة یتبــارزون .. (األشــتر) یرجــز مباهیــا بأهــل العــراق

ــرون ـــام ینشـــ ــرف أیضـــــا أن أهــــل الشـ ـــام .. تعــ ـــد أهـــــل الشـ ــه أحـ ــ فیجیب

مع صـوت معاویــة (قمـیص عثمـان) علـى منـابر دمشـق ویبكونـه، وتسـ

یخطبهم، ال تدري لماذا أخذت تفكر كثیرا بقمـیص عثمـان هـذه األیـام

.. ترى مـا لونـه ...؟ أیـن ذهـب ..؟ هـل أخـذه الخلفـاء األمویـون بعـد

)٢٤( أن صارت لهم الدیار ورقاب الناس ..؟"

إن التناص قام على امتصاص الحدث التاریخي، وأومأ إلـى فكـر

بـة فسیفســائیة مـن االستشـهادات، وكـل نــص الكاتبـة، فتشـكل مـن "تركی

)٢٥(هو امتصاص، أو تحویل لنصوص أخرى"

والحـــدیث عـــن الشـــرق، وأمیـــرات العـــرب، ولیـــالي ألـــف لیلـــة ولیلـــة

ماض جمیل، وحلم مستقبلي یراود القاصة في قصة (ذات صیــف )،

ویصبح التاریخ لدیها عنصر جذب للفن القصصي، ویشد القارئ إلیه

وافع الحنین إلى الماضي، ویقف فـي مـوازاة الحاضـر لما یحمله من د

للكشــف عــن بثــور هــذا الحاضــر وآفاتــه، وكأنــه تعبیــر عــن الحاضــر،

ـــاره، ــروح فــــي الماضــــي، واستحضـ بثــــوب الماضــــي، أو لنقــــل: بــــث الــ

واالستغراق فیه، ونبش الذاكرة للبحث عن هویة الـذات، واألمـة، فـأین

ن الماضــي والحاضــر... العربــي اآلن ؟ وأیــن األنــدلس؟ شــتان مــا بــی

ـــاءات ـــد نفســــه، وأن الفضـ ـــاریخ یعیـ ـــاءت لتؤكــــد أن التـ ــرة جـ ــ ـــذه الحی هـ

ستنفتح أمام العربي إن اكتشف ذاته، ومتغیـرات المرحلـة، وانـدفع إلـى

العودة إلیها:

" ال تــدري لمــاذا تهــب كــل العصــور فجــأة وترافقهــا .. تحــس بأنهــا

تنـتفض مـن األعمـاق .. النخلة التي أبكت (عبد الـرحمن الـداخل) ..

وتـــراه..! كـــان مثلهـــا یقـــف منتظـــرا وصـــول الـــدلیل الســـیاحي، مالمـــح

ـــت ــرد أن التقـ ــرة، مجــ ــــة فــــي قســــماته.. هــــي نظــ ــخیة وجمیل ــرب ســ الغــ

ــرقیة، العیـــون، مجـــرد أن تالقـــت العصـــور المختزنـــة فـــي أعماقهـــا الشـ

بعالمــه المــأخوذ بــأمیرات الشــرق ولیــالي ألــف لیلــة ولیلــة .. مجــرد أن

ع ومیض العیون.. حتى انتفضا ..!" تقرر أال تلتفت من جدید .. التم

ـــع إلـــى الســـقف المرتفــــع، ــرى .. تتطل ــرة أخـ ـــف مـ ـــن تلتفـــت إلـــى الخل ل

تكتشف أن القصر أعلى ممـا كانـت تتوقـع .. تكتشـف أن الفضـاءات

كلها تنفتح أمامها .. وتكتشف أخیـرا وهـي تتطلـع إلیـه والحافلـة تأخـذه

دة مثــل النخلــة التــي أبكــت عبــد الــرحمن الــداخل إلـى البعیــد، إنهــا وحیــ

)٢٦( ذات زمن بعید .. تماما مثلها ..!"

وتتـذكر القاصـة إقامـة العربـي فــي األنـدلس، وتبكـي علـى األمجــاد

العربیة، وتكرر ذلك في أكثر من قصة، ولكنه لیس بكاء على مرحلة

ضـر، ماضیة، وانمـا هـو بكـاء علـى ضـعف اسـتفحلت جـذوره فـي الحا

ـــهول ـــة فــــي ســ ــرة الحمدانیـ ــه باستحضـــــار المهــ ــ ـــتخلص من ــل أن نـ وتأمــ

حــوران، والحصـــان الــذي كـــان أســرع مـــن ریــح عاصـــف، ومــن إیمـــان

القاصة بأن التاریخ یعید نفسه، أسـقطت النصـوص الدینیـة والتاریخیـة

للتعبیــر عــن فكرهــا:" فــي غرناطــة .. كــانوا یســلمون المفــاتیح الكبیــرة،

أملتهــا بعینــین زائغتــین، كــان الحصــان عینــه وفــي أســفل اللوحــة التــي ت

یمــوت، وتنفــتح عینیــاه الســوداوان الرائعتــان بانتفاضــة لحظــة المــوت.

وتتوحدان مع عیني الفارس الذي تدوسه الجیاد المطهمة القویة.

اســـتدارت العیـــون .. تركتنـــي .. ســـقط الحمـــاس مـــن صـــوتي فـــي

صــمت، واســتندت التـراب . غــار وسـط ذرات التربــة البنیــة الجافـة .. ف

بكلتــا یـــدي إلـــى التربــة الجافـــة .. آلمنـــي الملمــس .. أحسســـت برعـــب

حقیقي، عندما خطر ببالي أنني ال أحـب التـراب الجـاف، وال الحجـارة

القاســیة، وال أحتمـــل فكـــرة أن المــوت یجعلنـــي جـــزءا مــن هـــذه المعـــالم

الحزینـــة البشـــعة .. تطلعـــت إلـــى الجســـد الملكـــي الرائـــع الـــذي یرتمـــي

أمــامي بصــمت وجیــع علــى التربــة الجافــة، قلــت وكــأنني أتحــدث إلــى

)٢٧( نفسي كان أسرع من ریح عاصف ...!"

وفـي قصــة (الحصـان) یــذكرنا سـكونه "ببــدایات ترجـع إلــى مـا قبــل

ــة، ــ ــــة، وقرطبـ ـــد فـــــي غرناطـ ـــد الخالــ ــــل المجــ ـــدما أفـ ـــنین عنــ مئـــــات الســ

الـریح، واشبیلیة، وغیرها مـن مـدن، لقـد كـان حصـاننا هـذا سـریعا مثـل

المعـا مثــل نجمـة صــیف، شـامخا بعنقــه النـافر إلــى السـماء مثــل جبــل

ابن خفاجة األندلسي، بارزا بجبهته التي تحكي كـرة أرضـیة بـل أوسـع

مــدى، والقــارئ یتأمــل الحصــان ویتأمـــل اللوحــة، ویتأمــل العالقــة بـــین

الماضـي(غرناطة وســقوطها، والفتوحــات شــرقا وغربــا حتــى األنــدلس)،

ــــذي ـــر الـــ ــ ـــعف والحاضــ ــ ـــل بالضــ ــ ـــــاس مخجــ ـــن إحســ ــ ــف إال عــ ــ ال یكشـــ

، فاإلنســـان لـــیس وحـــده البطـــل فـــي القصـــة، وانمـــا احتـــل )٢٨(والهـــوان"

الحصان موقع البطـل، وان لـم یكتسـب صـفات اإلنسـان، إال أنـه مثـل

األمة وانحدارها، فجاءت رمزیة الحصان متوافقة مع حال األمة قدیما

لــه فــي الحاضــر، وحــدیثا؛ لتشــكل مفارقــة بــین حالــه فــي الماضــي وحا

وحـــال األمـــة فـــي الماضـــي، وقیادتهـــا لألمـــم، وضـــعفها الواضـــح فـــي

الوقت الراهن، وأسباب هذا الضعف كثیرة، وقد یكون أهمها في نظر

ـــاث خلــــف المصــــالح ـــیحة، واللهـ القاصــــة الغفلــــة، وعــــدم ســــماع النصـ

ـــأن تجســـد هــــذه ــة ب ـــاء الیمامــــة كفیلـ الشخصـــیة، وكانـــت شخصـــیة زرق

ة القصصــیة الثانیــة تتوقــف هنــد عنــد شخصــیة الرؤیــة، ففــي المجموعــ

زرقــاء الیمامــة، وتتحــدث عــن ضــیاع الــوطن فــي غفلــة مــن أصــحابه،

الذین لم یستیقظوا من سكرتهم إال بعد فوات األوان ....

Page 7: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

التناص في أعمال ھند أبي الشعر القصصیة

86

ــــت، ـــاء الیمامــــة) أن اللصــــوص نهبــــوا البی ــرتهم (زرقـ ـــدما أخبــ "وعنـ

ســـمرهم، ضــحكوا منهـــا وهـــزوا رؤوســهم أســـفا، ظنوهـــا تهــذي، وتـــابعوا

ـــدخنون ـــاح ...عنــــدما ،كــــانوا یجلســــون حلقــــات ویـ إلــــى أن جــــاء االجتیـ

جاءت الوجوه الغریبة، كان أهلهـا یغطـون فـي نـومهم، أیقظـتهم زرقـاء

الیمامــة .. رأتهــم یوســعون للغربــاء، احتجــت زرقــاء الیمامــة وحــدها ..

شــتمها األهــل .. أكــل الغربــاء خبــز أهلهــا األســمر...وجاءها الرجـــال

وقد فقـدوا عبـاءاتهم المقصـبة .. جلسـوا عنـد أقـدامها، كانـت ذات یوم

تقـــف علـــى التـــل فـــي قریتهـــا، تراقـــب األفـــق الغربـــي كالعـــادة .. ظلـــوا

صامتین، والخوف یدق في أعماقهم، قال أحدهم بصوت تخنقـه عبـرة

مقهورة:

لقد سرقوا عباءاتنا ..!! -

ارغـة، وأن سمعت الرجال یولولون .. عرفوا اآلن فقط أن آبـارهم ف

القمـــح فـــي آبـــار الغربـــاء، عرفـــوا أن الجـــرار منهوبـــة .. شـــكوا الجـــوع،

أطفالهم الذین كبروا أحسوا الجوع فهاجروا

بتنا نخاف أن نتكلم ..!! -

انفجر آخر بصوت مقهور:

)٢٩(…"أخجل من نفسي ومن كل هذه الوجوه الخاسرة -

ال یقرأ العربي المستقبل، وانما له الحاضر، وال یستغرق فـي قـراءة

المعطیــات لیتنبــأ بمــا قــد یقــع، ویأخــذ حــذره، فتنعــاه الكاتبــة مــن خــالل

شخصیة زرقاء الیمامة، التي ما ادخرت جهدا في تحـذیرهم، ولكـن ال

حیــاة لمـــن تنـــادي، ولـــم تكتـــف بالحــدیث عـــن الماضـــي، وانمـــا مزجتـــه

ث، الذي ارتسم عالمیـا بجهـل العـرب، وضـعفهم، وقـوة بالتاریخ الحدی

ــر بشـــكل ـــى الوصـــول إلـــى اآلخـ العـــدو وســـلطته العالمیـــة، وقدرتـــه عل

ـــاثهم وراء ــ ـــم، ولهــ ــ ــیة بجهلهـ ــ ــــحاب القضــ ــر أصـــ ــ ــــب وخســ ـــر، فكســ ــ كبیـ

مفاوضـــات لـــم تثمـــر ففـــي قصـــة (عنـــدما تصـــبح الـــذاكرة وطنـــا) تقـــول

ـــ ـــي أعماقهــــا .. القـــــدس .. النــ ــل شـــــيء فــ ــتفض كــ ــــة:" انـــ اس .. البطل

األشــیاء البعیــدة القریــب .. ســاحات الحــرب .. الهمــوم المحفــورة علــى

ـــذه اللحظـــــة المحملـــــة ـــم هــ ـــى تقاســ ـــا إلـ ـــأة بحاجتهــ ـــاه، أحســـــت فجــ الجبـ

بـالوطن، وأحــزان األهــل مــع أحــدهم .. أیـا كــان .. قالــت وغیمــة تمــأل

العینین المنفتحتین على سماء المتوسط:

! …تذكرت (القدس) إنه السور .. والحجارة العتیقة .. -

اندفع الرجل واقفا، قال بنبرة اكتشاف:

أنت من إسرائیل إذن ...! -

مات كل شيء في داخلها فجأة .. دوى العالم فـي كهـف أعماقهـا

البعیـد .. انفجـر الحـزن الحقیقـي .. انفجـر فـي كـل مكـان .. دوى فـي

البعیــد األفـق، وتجمــع أخیــرا فــي صــوتها، قالـت وهــي تستشــرف األفــق

بصوت عمیق مقهور:

ال، أنا عربیة! -

ــركض .. ــ ــركض وی ـــته یــ ــــدفع .. أحسـ ـــمعت صــــوتها یعلــــو .. ین سـ

یجتـــاز الســـور .. ویعـــدو علـــى شـــاطئ المتوســـط النظیـــف .. حصـــانا

یطـارد األمـواج وینــدفع بـال توقــف، ال تـدري كیــف نهضـت .. ســارت،

ـــدیما ــ ــ ـــــا قــ ــ ـــــا، حمیمــ ــ ــــى جوارهـ ــ ــیر إلـــ ــ ــ ـــــب یســـ ــ ــــور القریــ ــ ــــة والســ ــ ال نهایـــ

)٣٠( المتداده....."

لقــد اعتمـــدت الكاتبـــة فــي كثیـــر مـــن قصصــها علـــى الـــراوي؛ لیقـــرأ

ــروح، ــ ــــة الـ ـــذاكرة، ویمامـ ـــكین، والــ ـــي قصصـــــها: ( الســ ـــا فــ ـــاریخ كمــ التــ

ـــاهدها ــــي مشــ ــحا فـ ــ ــــوح واضـ ــــان البـ ـــاعات، والهـــــاتف)، ولـــــذلك كـ والســ

ــریعة اإلیقــــاع، ویبــــدو التــــاریخ ــردیة، والتكثیــــف جعــــل القصــــص سـ السـ

ي شـفافا خلـف لعبـة الســرد، وحاولـت الكاتبـة أن تقلـص المســافة الـواقع

ــرد القصصــــي، ویتمثــــل ذلــــك فــــي ـــاریخي، والســ ــرد التـ ـــین الســ ــة بـ الفنیــ

ـــاریخي، ــ ـــي التــ ــ ــــابع الخطــ ــــن التتـــ ــر مـــ ــ ــ ــــى كثیـ ــــة علـــ ــــة للمحافظـــ محاولـــ

- والشخصیات التاریخیة، واإلشارات الدالة، وفي ذلك ما یؤكد ویوهم

وایهامیتـــه، وبـــذلك فـــإن القصـــص بواقعیـــة الســـرد، -فـــي الوقـــت نفســـه

أخضعت األحداث التاریخیة، وشخوصها للمساءلة.

المطلب الثاني التناص األدبي والشعبي(األساطیر واألمثال)

ظلت المرجعیات الثقافیة للكاتبة تحرك األحداث، وترسم الدالالت

ــــة ــــوالم، متناقضـ ــــة العـ ــخوص مختلفـ ــ ـــات تحركهـــــا شـ ــ ـــاء حكای ــ ـــر بن عبــ

ضـي والحاضـر فـي إطـار بنـاء سـردي قـائم علـى ومتحولة، تعیش الما

عـــالم العالقــــات المــــؤدي إلـــى التبــــاس بــــین الحیـــاة والمــــوت، فحملــــت

الشخوص تساؤالت حول مستوى الرؤیة، والتحوالت العامة والخاصة،

والبحـث فــي الكـائن والممكــن، وجــاء البنـاء الثقــافي لرسـم معــالم العــالم

دت القاصـة بــین التفــاؤل الممكـن، ولكــن الكـائن لــه ســطوة، ولـذلك تــرد

ـــا، وغاصــــت الكاتبــــة فــــي داخــــل ـــلطة العــــوالم علیهـ والیــــأس حســــب سـ

الشــخوص، ورصــدت التحــوالت التــي طــرأت علیهــا، ویبــدو ذلــك مــن

خــالل االســتعانة بــبعض األبیــات الشــعریة، ومــا تحملــه مــن دالالتهــا،

وما تحمله من رمز، فغدت كاألمثال في استعمالها، وقد جاء التناص

زفر بن الحرث الكالبي: یت بعجز ب

تبقى حزازات النفوس كما هیاو وقد ینبت المرعى على دمن الثرى

وكررت استعماله مرة أخرى في القصة ذاتها، ولم تحـدث تغییـرا علـى

األصــل ، تقــول: " قفــز إلــى ذهنــك الشــطر الــذي كــان یتمثلــه جــدك

هكــذا دائمــا عنــدما یــذكر أســعد (وتبقــى حــزازات النفــوس كمــا هیــا ..)

إذن، أنت تكره هذا الرجل .. تكرهه من األعمـاق؛ ألنـه حرمـك حنـان

الوالد وأثار صراعا دمویا .. عرفـت بسـببه طفولـة یـركض الرعـب فـي

أیامهـا، كـانوا یخـافون علیـك مـنهم .. فقـدت والـدك؛ ألن امـرأة تخصـه

مــن طــرف بعیــد اتهمــت بعالقــة مریبــة مــع أســعد .. ثــار أبــوك، وثــار

ن أجل شرف العائلة، ومات أبوك ألجله .. وسال نهر الـدم الرجال م

ــــة جــــدك .. (وتبقــــى ــطر مــــن جدیــــد بلكن ــرف بأنــــك رددت الشــ .. اعتــ

حـزازات النفـوس كمــا هیـا ..) أنـت ال تعــرف حقیقـة مشــاعرك اآلن ..

Page 8: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – عشرالرابع المجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

87

) .٣١( غیـر أنـك رددت الشـطر بلكنـة جـدك وأنـت تحمـل مســبحته ..!!"

ت الشــعري أكســب العمــل لغــة جلــي هنــا أن التنــاص الصــریح مــع البیــ

سـردیة شــعریة، وكشــف عـن شخصــیة الــراوي ونفسـیته وتأزمهــا، نتیجــة

ــرف، ــــن الشـــ ـــدفاع عـ ــــل العـــــار، والــ ــرین: غسـ ــ ــین أمـ ــ ــرى بـ ـــا حیـــ وقوعهــ

والحضارة الغربیة التي تعلمها في الخارج، إال أن الـدوافع الكامنـة فـي

ــل مـــا هـــو ثقـــافي، داخـــل العربـــي كانـــت أقـــوى، وتغلـــب الكـــره علـــى كـ

جدت الكاتبة ضالتها في الشعر، فاتخذته مثال لمن یظهر المودة، فو

وینطـوي الزمـان، وتمضـي األیـام، وتبقـى حـزازات ، وقلبه نغل بالعـداوة

النفوس.

وفـــي أكثـــر مـــن مـــوطن جـــاء الـــنص القصصـــي یتنـــاص مـــع الشـــعر

بنصه، كما في قصـة (الطریـق) إذ أوردت أسـطرا مـن قصـیدة أنشـودة

دي، أودعك كما في كل یوم، وأغرق في معالم المطر للسیاب "أرفع ی

الطریـــق الصـــحراوي الممـــل .. أفـــتح المـــذیاع، أغلقـــه، أحـــس بالملـــل،

وحدي والعداد یركض .. وحدي، والغیوم تركض .. وحدي، والطریـق

یلتمـــع فجـــأة، یـــداهمني البـــرق، أعـــرف أنهـــا ســـترعد فـــأرتجف .. أفـــتح

ش، أغلقـه، أتـذكر أن علـي المذیاع بحركة مباغتة، أكره صوته المشو

أن أتوقــع المطــر .. ومــاذا فــي ذلــك؟ فلتمطــر.. أنــا أحــب المطــر ..

(مطـــر .. مطـــر .. مطـــر .. وفـــي العـــراق جـــوع ..) أدنـــدن الكلمـــات

بصوت مرتفع، فلتمطر، حتى تمتلئ هذه المناطق الجافة الخامـدة ..

لتمطــر حتــى تضــحك األشــیاء والوجــوه المقطبــة .. لتمطــر حتــى یبــدأ

ــر .. مطــــر) وهــــا هــــي ــر .. مطــ الطوفــــان .. أدنــــدن مــــن جدیــــد (مطــ

.إن المفارقة التي رسمتها الكاتبة )٣٢(تمطر.. لم یخب ظني بالمطر "

تحـددت بربطهــا بــین (الطریـق الصــحراوي)، وتكــرار المطـر حتــى یبــدأ

الطوفــان، ولكنهــا مفارقــة قامــت علــى التفــاؤل بــأن یمطــر الخیــر علــى

سابقا على العراق، فتخلص من استعماره، الواقع الكائن، كما أمطرت

نستشعر أمانیها بأن یتخلص اإلنسان المعاصر من آالمه وهمومه.

"وجوه ال أعرفها ترتسم مع وجه جدي، تمأل الزجاج األمامي الذي

اتســع لیصــبح مثــل األفــق .. أحــس األنفــاس المتــرددة قربــي، وأعــرف

علي من حزمة المطـر تماما أن كل العصور والوجوه واألحداث تطل

التي تطوق النوافذ، أرتعش .. أرتعش للمرة األخیرة، وأصوات ارتطـام

ما تمأل األفق .. تمأل كل األرجاء، حتى ما عـدت أسـمع غیرهـا ..!"

الكاتبة تستحضر التاریخ، من خالل األدب في القصة، أو لنقل: )٣٣(

اریخي.تكتب األدب والتاریخ بثوب قصصي، فتناغم األدبي بالت

ـــــي ـــــدیني ف ــــي بال ـــــدخل األدبـ ــــة جـــــدا) ت ــــة عائلیـ ــــة (جلسـ ــــي قصـ وفـ

استحضارها جزءا من بیت علي ابن العباس الرمي:(ال تحقرن صغیرا

ــة إن البعوضــة تـــدمي مقلــة األســد) وتمزجهـــا فــي مجادل

ــة بــــیالطس النبطــــي المتــــورط فــــي القتــــل، وعلــــى لســــان الســــاردة بقصـ

عون البراءة كادعاء بیالطس:" واستعید تتحدث عن األقارب الذین ید

نبرة المحاضر الخطابیة، وهـو یتحـدث عنهـا .. ال زلـت أذكـره، برأسـه

ـــبعه إلـــــى حجمهـــــا، ــرف إصــ ـــیر بطـــ ــة، یشــ ــ ــــه المترهلـ ــــوي، وبنیتـ البیضـ

)٣٤( ... !!"(تدمي مقلة األسد)ویتحدث عن بشاعتها وكیف أنها

شعر لكثیر، وتكتب القاصة في (النسر) تستحضر جزءا من بیت

ـــا ــ ــ ـــا فراخـ ــ ــ ــر أكثرهـ ــ ــ ــ ـــــاث الطی ــ ـــك : " بغـ ــ ــ ــــن مالـ ــ ــة بــ ــ ــ ــ ــــب لمعاوی ــ وینســ

وأم الصقر مقالت نزور

وهو یقال لمن یسـتهان بـه، ولكنـه فـي الحقیقـة أقـوى مـن األقویـاء،

وقــد اســتبدلت القاصــة الصــقور بالنســور، وربمــا كانــت متعمــدة ذلــك؛

ـــــا ــ ـــعر ب ــ ـــا تشــ ــ ـــر حینمــ ــ ـــا، فتنتحــ ــ ــرق ذاتهــ ــ ــ ــــور تحـ ــ لمرض، أو ألن النسـ

الشیخوخة؛ وذلك بـأن تحلـق عالیـا إلـى أن تقتـرب مـن األفـق فتمـوت،

فالعظیم یبقى قویا في كل اللحظات، وال یركع ألحد، ومع أنه ینتحر،

إال أن الجمیــع یبقـــى معجبــا بعملـــه، ویتمنـــى أن یكــون مثلـــه، فـــالتراب

مكمن الذهب:" أجل، الفضاء ملئ بالنسور!!

ـــي ــف مــــن تجـــاهلتهم، ورفعـــت كف باتجــــاه جبینـــي، حاولـــت أن أخفـ

وطـأة شــمس تمـوز، حرصــت علـى متابعــة النسـر، وتمنیــت لـو أن لــي

عظمة جناحیه، قلت بتحد:

صدق الشاعر عندما أصر على أن (أم النسر مقالة نزور)..! -

صمتوا، وأعلنوا القطیعة، ظلوا یتجمهرون ویتابعونه، كان یحجب

)٣٥( تجه أخیرا إلى القمة في المدى الواسع.."وهج الشمس، وهو ی

تتحدث هند عن الوجع اإلنساني الذي یؤرق حیاة الفرد العربي،

فاللهاث خلف لقمة العیش تسیطر على اإلنسان، فال یستطیع رؤیة

ما حوله، وكأنه غائب عن الوعي، ولذلك یقع في األخطاء القاتلة،

ه لهاث، وخطى مسرعة وهو ال ذنب له، فأفكاره مشوشة، وحیات

كسرعة تلك السیارة التي أودت بحیاة إنسان ال ذنب له، وكذلك

السائق مع أنه هو القاتل، إال أنه ال ذنب له أیضا؛ ألن الحیاة

بتعقیداتها هي التي دفعته إلى ذلك دون أن یعي فكالهما مقتول:

مجنون .. هذا السائق مجنون ..! -"

رة الضوئیة ال یمیزها ..!!وأعمى أیضا .. حتى اإلشا -

أعمى القلب والبصیرة ...! -

كانوا یتحدثون عني، كنت ال أقوى على الوقوف، أمسكت مقبض

الباب، دفعته بید ال إرادة فیها على الحركة ووقفت معهم هناك ..!!

العجلة من الشیطان ... -

مسكین، كان اهللا في عون أهله ..! -

سببا ..! أجله وانتهى .. لكل منیة -

هزني أحدهم، دفعتني األكف، وبقیت أتطلع إلى الخیط المندلق

من فم الرجل .. تجنبت النظر في عینیه الجامدتین المفتوحتین ..

عرفت أنني اغتلت إنسانا ما، ال أعرفه، وال أملك مبررا واحدا لقتله،

ما في أو حتى لتنفیذ فكرة االعتداء علیه .. وعرفت أنني قتلت شیئا

داخلي ..! أحضروا سیارة إسعاف وابتعدوا عن الرجل .. ابتعدوا یا

)٣٦( إخوان ..!!

Page 9: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

التناص في أعمال ھند أبي الشعر القصصیة

88

فاإلنسان العربي خائف، ومطارد وسط حالة من الفقر الشدید،

كما تصوره القاصة في األحداث المتسارعة الالهثة التي نحس من

ب خاللها بدفقات الدم المتدافعة في عروق شخوصها، وبنبضات القل

المتسارعة و ":.. زدت السرعة .. أكثر .. أكثر .. راقبت المرآة بال

توقف، لم یخطر ببالي أن الناس ال تعرف أنني خائف ومطارد ..

وعلى األرضیة اإلسفلتیة المنخورة انتشر صراخ الرجل المقتول،

ولذلك نرى أن شخوص هند هائجة متوترة في بیئة ترزح تحت عبء

. والسؤال الذي یطرح نفسه، )٣٧(كثیر من قصصها"الحاجة والفقر في

أیهما الشیطان: العجلة أم الفقر والقلق؟ أیهما المجرم: السائق أم

المجتمع والواقع؟

في قصة (العودة وأشیاء أخرى) توظیف للمثل العربي (أنا وابن عمي

على الغریب): فالقاصة تتناول الصراع النفسي الداخلي لشخصیات

ن، الذین یرزحون في دائرة الموروثات الفكریة قصتها المتعلمی

(أنا وابن عمي على الغریب) المرتبطة بالشرف وتلویثه وغسله:"

هناك ببساطة قاعدة جدك الدائمة هذه، علیك أن تعترف بأنك نسیتها

مسكین جدك .. انتهت … عجیبة، واكتشفت أنها لیست قاعدة ذهبیة

ته..وضاعت أقواله، ولم یبق منه غیر صور

قال لك ابن عمك وشاربه األسود الكثیف یغطي جزءا من شفته

العلیا:

خفنا أال تعود! -

لم نشأ أن نخبرك عن ابنة عمنا "فرید" .. -

قفز إلى ذهنك صورة وجه سعاد الهاديء الذكي.

قلت باستطالع كبیر:

سعاد ..؟ -

أضاف وعیون أفراد عائلتك تتابعه باهتمام:

لقد لوثت شرف العائلة ..!!نعم یا سیدي .. -

…!!هربت منذ أربعة أعوام مع ابن أسعد -

صرخت دون أن تعي: )٣٨( ابن أسعد ..؟" -

إن التناص مع الشعبي ووضعه فـي سـیاق أدبـي قصصـي یكسـب

العمل بعدا شعبیا، وقدرة على تقریب الداللة، وقد جاء التناص مباشرا

وص عمقــا ثقافیــا، ومتالحمــا مــع الشــخوص والمواقــف، فــأعطى النصــ

وفنیــا یــتالءم والمشــهد الســردي، ویمــنح الــنص األلفــة عنــد القــارئ، إذ

المشاهد مألوفة، والعـادات مـن واقعنـا، ولكـن هـذا المـألوف یحمـل فـي

طیاتـه الرمــوز التــي تكشــف عــن رؤیـاه إذ" لــیس مجــدیا إعــادة تســجیله

اصـر بهیكله، ولكن باكتشاف القدرات الموحیـة والملهمـة لإلنسـان المع

).٣٩(إلعادة نفسه بوعي جدید"

كثیرة هـي األعمـال اإلبداعیـة التـي اسـتوحت قصـة سـالومي، التـي

تــرقص عاریــة أمــام الملــك هیــرودس، وتطلــب رأس یوحنــا المعمــدان،

ـــاء فـــي المعـــروف إســـالمیا بـــالنبي (یحیـــى) علـــى طبـــق، فـــي مكـــان ن

ــة، ــة الراقصــــة الصـــحراء األردنیــ وســـعت الكاتبــــة إلــــى االســـتعانة بقصــ

الومي فــي أكثــر مــن مــوطن فـي أعمالهــا: ففــي قصــة (ســالومي مــرة سـ

أخرى) تقول:"

صرخت سالومي بكبریاء:

ال ... سأرقص ولن أتوقف ..! -

توقفي وسأعطیك نصف مملكتي ...! -

توقفــت ســـالومي لبرهــة، صـــمتت الموســیقى، اقتربـــت منــه، ركعـــت

وت متقطع:قربه، مسد بیده شعرها الفاحم، نهضت بسرعة وقالت بص

ال أرید شیئا .. أعطها لزوجتك ..! -

صرخ الملك بعناد: آمرك أن تتوقفي ...!

توقفـــت، اســـتدارت نحـــوه لحظـــة، وصـــرخت بصـــوت أیقـــظ الجبـــال

البنفسجیة الغافیة في حضن اللیل:

سأتوقف یا موالي إن أعطیتني ما أرید اآلن ..! -

ـــي - ــل مــــا -ورأس أبــــي الملــــك-لــــك علـ ــــه أن أعطیــــك كــ تطلبین

..!اآلن

اآلن ..! -

...؟حتى ولو كان رأس أحدهم -ملك ..! نعم .. ورأس أبي ال -

تطلع الملك إلى زوجته، ابتسما، هز رأسه وقال باندفاع:

.)٤٠( نعم .. نعم، حتى ولو كان رأس (یوحنا المعمدان)!" -

إن الكاتبة تروي أسطورة سالومي بشكل مفصل على لسان

ید ترتیب الحكایة بادئة بالتعارف، ثم ینفسح السرد الساردة، ولكنها تع

لیتسع لحوادث كثیرة متسارعة، تغایر ما یقال في األسطورة التي

والجمال، وذاعت شهرتها سالومي كانت فائقة الحسن تروي أن

، وكانت أمها كراقصة ماهرة تبهر العیون بربیع جسدها الساحر

و سالومي، فتركت ما في نفس زوجها من ضعف نح هیرودوت تعلم

حتى أصبح هیرودوس ال رغبة له إال له الطعم له الفرصة، ومدت

،المناسبة حینها جاءت اللحظة في إرضاء سالومي الجمیلة ..وفي

وفي مساء االحتفال بعید میالده،

عین هیرودوس بعین سالومي أقیمت الموائد، وعندما التقت

لي اللیلة یا ارقصي: الساحرة في عید میالده مال نحوها وقال لها

برغبة ال أشعر :فقالت بدالل وتمنع انهارت معه مقاومته، سالومي

إذا رقصت أعطیك ما تشائین. :فقال هیرودوس في الرقص اللیلة،

ولما تردد أصرت على طلبها، .فضة رأس یحیى في طست: فقالت له

.طلبت ما وخضع في النهایة، وقال لجنوده :أعطوها

وذجا مثالیا للفتنة، والسحر في المرأة، ولكن نم إن سالومي أضحت

الكاتبة كسرت أفق توقع القارئ بالمغایرة التي أحدثتها، فالراقصة في

األسطورة تمتنع عن الرقص، وال تعود إلیه إال إذا لبى لها ما ترید،

ولكن القاصة ركزت على أن الملك یطلب من الراقصة التوقف،

Page 10: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – الرابع عشرالمجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

89

ها، إن المغریات الحیاتیة كثیرة، وال ولكنها ترفض إال إذا لبى طلب

تتوقف الذات عن طلبها، وان حاول ایقافها فإن الصراع كبیر،

فالصورة مفعمة بالظالل التي تومئ إلى عوالم أسطوریة ودینیة مكثفة

تغني النص، وتعبر عن فكر القاصة، و"أضحى النص وفق التناص

.)٤١(تعاقبیا مفتوحا متحركا متغیرا متجددا"

تجدر اإلشارة إلى أن الكاتبة تعالج من خالل تقنیة التناص عوالم

من خالل شخصیة المجتمع المنخور؛ إلدانة الفرد، والسلطة في آن

سالومي، وشخصیة الملك، وتتجلى صورة اإلنسان المهزوم،

والمجتمع المنخور في عدة قصص، وتغلفها الكاتبة في كل مرة

ختلفة. بقالب سردي جدید، وتجربة تناص م

ففي قصة (الیقظة) تحاول القاصة التعبیر عما في داخل اإلنسان

من قوى، وأحاسیس متباینة، من خالل هیئة راسبوتین:

" ال یمكنك أن تتركیني.. لقد ابتدأت حیاتي اآلن ...!

التمعت عیناه الكبیرتان، في وهجهما قوة (راسبوتین) لعینیه سلطة

مجنون .. ال شك في ذلك...!!مخیفة ال تقاوم .. الشك بأنه

هذه أنت .. انظري إلى المالمح .. هل تصدقین ..؟ -

ارتعدت، تطلعت إلى البورتریه برعب .. كانت مالمحها مرسومة

بوضوح في لوحاته، غمغمت بصوت مرتعش:

ـــــي - ــربه ف ــ ــــون ضـ ـــان المجنـ ـــیقن أن البركــ ــ ـــــا ..!" وت ـــذه أن هــ

.)٤٢( !!"حزین من األعماق ... …األعماق، وبأنه حزین

ـــداث القصــــة ظـــــالال تاریخیـــــة ــل أحــ ــــي تسلســـ ـــدت القاصـــــة ف ورصـ

أســطوریة مرتبطــة بشخصــیة راســبوتین، التــي حامــت حولهــا كثیــر مــن

األساطیر كتمتعه بالقوى اإللهیة، والقدرات الخارقة للشفاء، إلى جانب

مـــا عـــرف عنـــه مـــن فجـــور، وكـــان دائمـــا مـــا یتنـــاقض وأصـــول الحیـــاة

ل المجتمـــع الراقـــي، الـــذي كـــان مولعـــا بمســـائل العائلیـــة التقلیدیـــة، دخـــ

السـحر، والتنجــیم وبــذیوع شــهرة راســبوتین، نجــح فــي جــذب المزیــد مــن

األنصار من جمیع الطوائف االجتماعیة، وقد تطوع هؤالء األنصـار؛

الرتكاب الخطیئة من أجل التطهر من آثامهم، مع رجل بدوا عاجزین

، ومـع غیـاب القیصـر اسـتطاع أمام جاذبیته، وحاولوا قتله لكنه تعافى

راسبوتین اكتساب المزید من القوى السیاسیة، وساهم في تعیین وطرد

الــوزراء، وبنفــوذه الطــاغي علــى قــرارات القیصــر السیاســیة، فهــل تریــد

البوح بالقدرات الكامنة عند اإلنسان، وال یستطیع البوح بها؟ أم القول:

ونحـاول عبثـا فهمهـا؟ هـل بأن هنـاك فـي الحیـاة أمـورا ال نفهـم كنههـا،

اإلنسـان یملـك قــوى داخلیـة هدامــة، وبنـاءة فــي ذات الوقـت، ولكنــه ال

یسـتغل إال الهـدام منهــا، ولـذلك خافــت وحزنـت؟ تســاؤالت كثیـرة أثارهــا

التناص في هذه القصة.

خاتمـــــة

لقــد حاولــت الباحثــة فــي هــذا البحــث تنــاول التنــاص عنــد القاصــة

الهــا القصصـیة، والمتأمـل لقصصـها یكتشــف هنـد أبـي الشـعر فـي أعم

ــرا مـــن أحـــداث قصصـــها معتمـــدة علــــى ــة رســـمت كثیـ بیســـر أن الكاتبـ

مخـــزون ثقـــافي ثـــر، متحـــت منـــه فجـــاءت المشـــاهد والـــدالالت مفعمـــة

ـــك علـــى بالتنـــاص الـــدیني، والتـــاریخي، واألدبـــي، والشـــعبي، وكـــان ذل

لتحـول صعید التناص المطابق، أو التناص غیر المطـابق بـالتغییر وا

أو بالمعكوس، وقد كان التنـاص حاضـرا لـدیها بشـكل مباشـر، وغیـر

مباشر؛ الختراق عوالم المجتمع، واإلنسان، وجاءت أحداث قصصـها

مفعمة بالظالل التـي تـومئ إلـى عـوالم ثـرة، تلـك العـوالم المتمثلـة فیمـا

هو دینـي، وأسـطوري، وتـاریخي، للتعبیـر عـن موقفهـا إزاء أمـور كثیـرة

عـــن ســلبیة الشـــعوب، وســكوتها علـــى ظلــم الحـــاكم وفســـاده، كــالتعبیر

وضرورة الوقوف إلى جانب الحق، والدفاع عنه، والمحاربـة مـن أجـل

إثباته، ورفض الذل واالنهزام.

انصب التركیز في قصص هند على المغزى الذي برز من خالل

اإلبـداع عنـدها تعبیـر التكثیف السردي بإیقاع سریع، وبـدا واضـحا أن

تقادها وثقافتها، و اللسان دلیل على الجنـان یتـرجم عنـه بـإرادة عن اع

ــراءة تكشــــف المعنــــى الغائــــب الــــذي یختفــــي وراء واطمئنــــان. و كــــل قــ

المعنــى الظــاهر، واســتعانت باللفظـــة الواحــدة بمــا تحملــه مـــن دالالت

مرجعیة أكثر للـنص القصصـي، ویعـد هـذا أساسـا فـي تقنیـة التنـاص،

یة القناع، ومزجت الماضي بالحاضر من وهو ما یمكن أن یسمى تقن

خالل الشخوص مثل: األشـعري، األشـتر، نصـر بـن مـزاحم، معاویـة،

عثمان، زرقاء الیمامة، سالومي، راسبوتین ....وغیرهم من شخصیات

ـــاریخي، إســـالمیة، أو أســـطوریة، أو دینیـــة، ووظفـــت األســـطوري، والت

فنیـــا، وثقافیـــا والــدیني بمـــا یـــتالءم والحــدث، والمغـــزى، وأحـــدثت عمقــا

بانسیاب النص الغائب بین ثنایا السرد.

:المصادر والمراجع

ـــاس، .١ إبـــراهیم خلیـــل، شـــعریة القصـــة القصـــیرة وحـــوار األجن

.م٢٠١٠، ١مطبعة السفیر، ط

أحمـــد الزعبـــي، التنـــاص نظریـــا وتطبیقیـــا، مؤسســـة عمـــون .٢

م.٢٠٠٠، ٢للنشر والتوزیع، األردن، ط

القـــدیم، دار الشـــؤون أحمـــد مطلـــوب، معجـــم النقـــد العربـــي .٣

م.١٩٨٩، ١/٢الثقافیة، بغداد، ج

ــرقات األدبیـــة (ابتكـــار األعمـــال األدبیـــة .٤ ــة، السـ ـــدوي طبانـ ب

م.١٩٦٩، ٢وتقلیدها)، دار الثقافة، بیروت، ط

ــحاح، .٥ ـــا، اإلصـــ ـــارة لوقــ ــة ٢بشــ ــ ـــید المجـــــد هللا فـــــي ١٤آیـ (نشــ

العلى) وتدعى المجدلة الكبرى.

عري النقــدي تــودوروف وآخــرون، فــي أصــول الخطــاب الشــ .٦

الجدید، ترجمة أحمد المدیني، دار الشؤون الثقافیة، بغداد،

م.١٩٨٧، ١ط

Page 11: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

د أبي الشعر القصصیةالتناص في أعمال ھن

90

عربیة، خمري، إنتاج معرفة بالنص، مجلة دراساتحسین .٧

بیروت، م،١٩٨٧أیلول تشرین أول ٢٣السنة،١٢-١١ع

.١٠٢ص

شكري عزیز الماضي، من إشكالیات النقد العربي الجدیـد، .٨

م. ١،١٩٩٧لنشر، بیروت، طالمؤسسة العربیة للدراسات وا

م.١٩٧٩طراد الكبیسي، الغابة والفصول، بغداد، .٩

عبــد الباســط مراشــدة، التنــاص فــي الشــعر العربــي الحــدیث .١٠

(السـیاب ودنقـل ودرویــش أنموذجـا)، دار التكـوین للطباعــة

م٢٠٠٦والنشر، دمشق،

ــــة إلـــــى .١١ ـــة مــــن البنیوی ـــا المحدبـ ـــز حمــــودة، المرایــ ـــد العزیـ عبـ

م المعرفـــة، المجلـــس الـــوطني للثقافـــة التفكیـــك، سلســـلة عـــال

ـــدد ــ ــ ــ ــــت، العــ ــ ــ ــ ــــون واآلداب، الكویـ ــ ــ ــ ــــة ٢٣٢والفنـ ــ ــ ــ ، ذو الحجـ

)١( .م١٩٩٨هـ، ١٤١٨

ـــئلة .١٢ ــ ــــة األسـ ــ ـــــذامي، ثقاف ـــد اهللا الغـ ــ ـــد عبـ ــ ـــــي النقـ ـــاالت فـ ــ (مقـ

م.١٩٩٢، ٢والنظریة)، النادي األدبي، جدة،ط

عبــد اهللا الغــذامي، الخطیئــة والتكفیــر، دار ســعاد الصــباح، .١٣

م.١٩٩٣، ٢الكویت، ط

ــــة .١٤ ــ ــ ــ ــ ــرقات ونظریـ ــ ــ ــ ــ ــ ــرة السـ ــ ــ ــ ــ ــ ـــاض، فكـ ــ ــ ــ ــ ـــك مرتــ ــ ــ ــ ــ ــ ـــــد المل ــ ــ ــ عبــ

م. ١٩٩١، مایو١التناص،عالمات، ع

محمـــد بنـــیس، ظـــاهرة الشـــعر المعاصـــر فـــي المغـــرب، دار .١٥

م.١٩٨٥، ٢التنویر، بیروت، ط

ـــعري .١٦ ــ ـــــاب الشــ ــــل الخطــ ــ ـــاح، تحلیـ ــ ـــد مفتــ ــ ـــتراتیجیة محمــ ــ (اســ

م. ١٩٨٥، ١التناص)، التنویر، بیروت، ط

ركـــز الثقـــافي العربـــي، محمـــد مفتـــاح، مشـــكلة المفـــاهیم، الم .١٧

م. ٢٠٠٠، ١الدار البیضاء، ط

هند أبو الشعر، األعمال الكاملة. .١٨

الدوریات:

أحمــد الزعبــي، التنــاص التــاریخي والــدیني، مقدمــة نظریــة مــع -١

ــة أبحــاث الیرمــوك، دراســة تطبیقیــة فــي روایــة رؤیــا لهــا، مجل

م.١٩٩٥، ١، ع١٣مجلد

ة في النص الشعري، مجلة خلیل الموسى، التناص واألجناسی -٢

م. ١٩٩٦، أیلول ٢٦،السنة٢٠٥الموقف األدبي، دمشق ع

روالن بــارت، مــن األثــر إلــى الــنص، ترجمــة عبــد الســالم بنعبــد -٣

م.١٩٨٩، آذار٢٨العالي، مجلة الفكر العربي المعاصر، ع

الهوامش.

روالن بــارت، مــن األثــر إلــى الــنص، ترجمــة عبــد الســالم بنعبــد العــالي، مجلــة )١(

.١١٥م، ص١٩٨٩آذار٢٨الفكر العربي المعاصر، ع ٢٣، ١٢-١١حســین خمــري، إنتــاج معرفــة بــالنص، مجلــة دراســات عربیــة،ع )٢(

د الزعبـــي ، أحمـــ. وانظـــر ١٠٢م، بیـــروت، ص١٩٨٧أیلـــول تشـــرین أول لعـــام

، ٢عمــون للنشــر والتوزیــع ، األردن ، ط التنــاص نظریــا وتطبیقیــا ، مؤسســة

١٢، ص ٢٠٠٠تودوروف وآخرون، في أصـول الخطـاب الشـعري النقـدي الجدیـد، ترجمـة أحمـد )٣(

. ١١١م، ص١٩٨٧، ١المدیني، دار الشؤون الثقافیة، بغداد، ط

لبنیویــة إلــى التفكیــك، سلســلة عــالم عبــد العزیــز حمــودة، المرایــا المحدبــة مــن ا )٤(

، ذو ٢٣٢المعرفــة، المجلــس الــوطني للثقافــة والفنــون واآلداب، الكویــت، العــدد

. ٣٦٧-٣٦٦م، ص١٩٩٨هـ، ١٤١٨الحجة بدوي طبانة، السرقات األدبیة (ابتكار األعمـال األدبیـة وتقلیـدها)، دار الثقافـة، )٥(

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروت، ط م، انظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ص ١٩٦٩، ٢بی

٩/١٥/٤٣/٥٢/٦٩/٩٣/١٢٠/١٢٧/١٦٢.

انظر: أحمد مطلوب، معجم النقد العربـي القـدیم، دار الشـؤون الثقافیـة، بغـداد، )٦(

. ٤٠/٤٦/١١١/١٧٥/١٩٣/٢٢٩/٢٨٣/٤٠٠/٤٣٦، ص ١/٢م، ج١٩٨٩عبـــد الباســـط مراشـــدة، التنـــاص فـــي الشـــعر العربـــي الحـــدیث( الســـیاب ودنقـــل )٧(

.٢٨م، ص ٢٠٠٦ ودرویش أنموذجا)، دار التكوین للطباعة والنشر، دمشق،خلیل الموسى، التناص واألجناسیة في النص الشعري، مجلـة الموقـف األدبـي، )٨(

. ٨٤-٨٢، دمشق، ص٢٦م،السنة١٩٩٦، أیلول ٢٠٥ع، ١انظـــر عبـــد الملـــك مرتـــاض، فكـــرة الســـرقات ونظریـــة التناص،عالمـــات، ع )٩(

. ٩٣-٦٩م، ص ١٩٩١مایوالمغرب، دار التنویر، بیروت، انظر محمد بنیس، ظاهرة الشعر المعاصر في )١٠(

. ٢٥٣-٢٥٢م، ص ١٩٨٥، ٢ط، ٢عبــــد اهللا الغــــذامي، الخطیئــــة والتكفیـــــر، دار ســــعاد الصــــباح، الكویـــــت، ط )١١(

. ٥٦م، ص١٩٩٣محمـد مفتـاح، تحلیـل الخطـاب الشعري(اسـتراتیجیة التنـاص)، التنـویر، بیـروت، )١٢(

. ١٢٥م، ص١٩٨٥، ١ط، ١لمركز الثقـافي العربـي، الـدار البیضـاء، طمحمد مفتاح، مشكلة المفاهیم، ا )١٣(

١٧٣م، ص٢٠٠٠

ـــــت علـــــى التنـــــاص، واقتربـــــت مـــــن مفهومـــــه:( * مـــــن المصـــــطلحات التـــــي أطلق

النصوصــــیة، والنصــــیة، والتناصــــص، والتلقــــیم، وتناســــخ النصــــوص، والــــنص

الغائــــب، والنصــــوص المهــــاجرة، والتناصــــیة، والتعــــالق، والتضــــمین، والتوالــــد،

ـــتتر ـــیاقیة، واالتصـــــال بـــــین والنصـــــوص المســ ـــــة، والســ ـــــین ذاتی ة، والحـــــوار، والب

النصــوص، وتعــالق النصــوص، والتبــادل النصــي، وتــداخل النصــوص، والعبــر

نصیة، والتفاعل، والتحاذي، والتجاوز، والتغایر.) . ١٠٧هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة الوحل، ص )١٤( .٢١٨هاتف، ص هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة ال )١٥( ٢٣٥المرجع السابق، قصة الرهان، ص )١٦(

(نشــید المجـد هللا فــي العلـى) وتــدعى المجدلــة ١٤آیــة ٢اإلصـحاح، بشــارة لوقـا، )١٧(

الكبرى .٢٢٣هند أبو الشعر، قصة الدم، ص )١٨(أحمد الزعبي، التناص التاریخي والدیني، مقدمة نظریـة مـع دراسـة تطبیقیـة فـي )١٩(

-١٦٩م، ص١٩٩٥، ١، ع١٣مجلـة أبحـاث الیرمـوك، مجلـد روایة رؤیا لها،

٢٠٠

٢٥٨-٢٥٧هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة عباد الشمس، ص )٢٠( ٢٥٠المرجع السابق، قصة الذاكرة، ص )٢١(

هكذا وردت في القصة والصواب أن نقول: بعضهم * ٢٤٤-٢٤٢هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة الطریق إلى صفین، ص )٢٢(عبــد اهللا الغــذامي، ثقافــة األســئلة(مقاالت فــي النقــد والنظریــة)، النــادي األدبــي، )٢٣(

م، ص١٩٩٢، ٢جدة،ط

Page 12: Intertextuality in the Short Stories of Hind Abi Alsha’arzujournal.zu.edu.jo/images/stories/year2014/month1/9.pdf · Zarqa Journal for Research and Studies in Humanities Volume

٢٠١٤ الثانيالعدد – الرابع عشرالمجلد –مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات اإلنسانیة

91

هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة الطریق إلى صفین، ص )٢٤(أحمد الزعبي، التناص نظریا وتطبیقیا، مؤسسة عمون للنشر والتوزیع، األردن، )٢٥(

م، ص٢٠٠٠، ٢ط هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(ذات صیف)، ص )٢٦(

المرجع السابق، قصة(الحصان)، ص )٢٧(، ١إبراهیم خلیـل، شـعریة القصـة القصـیرة وحـوار األجنـاس، مطبعـة السـفیر، ط )٢٨(

م، ص٢٠١٠ هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(ریح الشمال تهب)، ص )٢٩( د أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(عندما تصبح الذاكرة وطنا)، صهن )٣٠( هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(العودة)، ص )٣١(

هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(الطریق)، ص )٣٢(المرجع السابق، ص )٣٣(

د أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(جلسة عائلیة جدا)، صهن )٣٤( المرجع السابق، قصة(النسر)، ص )٣٥( هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة( الموت وسط الزنابق)، ص )٣٦(

هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(الموت وسط الزنابق)، ص )٣٧( وأشیاء أخرى)، ص المرجع السابق، قصة(العودة )٣٨( م، ص١٩٧٩طراد الكبیسي، الغابة والفصول، بغداد، )٣٩( هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(سالومي مرة أخرى)، ص )٤٠(شـكري عزیــز الماضـي، مــن إشــكالیات النقـد العربــي الجدیـد، المؤسســة العربیــة )٤١(

١٦٧م، ص١،١٩٩٧للدراسات والنشر، بیروت، ط

هند أبو الشعر، األعمال الكاملة، قصة(الیقظة)، ص )٤٢(